أقدار الحق
صفحة 1 من اصل 1
أقدار الحق
يقال: إن ذا القرنين لمـّا قربت وفاته قال لوالدته: يا أمي, إذا متّ فاصنعي وليمةً ضخمة, وادعي لها أفراد الشعب كلهم, لكن أخبريهم أن لا يحضر أحد سبق وأن أصيب بمصيبة, فصنعت الأم ذلك لمـّا مات ودعت الشعب, ونادت بأن لا يحضر أحد أصيب بمصيبة.. فلم يحضر أحد.
فعرفت أن ولدها كان يعزيها بعد وفاته، ويقول لها: إن هذه المصيبة التي نزلت بكِ ما من أحد إلا وقد مرت به أو أصيب بها يوماً من الأيام.
وهذه هي الحياة.. زاخرة بالمشكلات التي تقع في كل بيت وأسرة وشخص وحي، فيأتي المسلم بإيمانه بالقدر؛ ليتعامل بشجاعة وصبر وثبات، فهنا تدرك كيف أن ارتباط الإنسان بالله، وشعوره بأن الله تعالى هو الذي يدبر الكون من حوله يجعله يشعر بحميمية الحياة، وحينما يجد نفسه محروماً من متعها أو بعضها فذلك يعطيه دفعةً للعزيمة والإيمان والإيجابية في مواجهة الحياة.
ولو تخيلنا أن الإنسان الذي لا يؤمن بإله، ولا يرضى بقضاء وقدر وقد حلت به نفس المصائب فسوف يقتل نفسه حسرات؛ لأن فرصته الوحيدة للعيش هي هذه الحياة الدنيا التي يؤمن بها وحدها قد ضاعت بين أصابعه كما ينزلق الزئبق، وفي الجانب الآخر نرى صورة ً قد ابتلي بها بعض المسلمين حين يتخيل أنه مجبور مسلوب الإرادة، وأنه بين يدي الحياة والأقدار كالريشة في مهب الريح، فيتنكر للفطرة في داخله التي تؤمن بإرادة الإنسان واختياره.
أما إذا سلك سبيل القصد والوسطية فآمن بالله الذي له الخلق والأمر، وأن الكون يسير بإذنه وعلمه سبحانه، أعطاه ذلك إيماناً عميقاً وهدوءاً، وآمن بأن الإنسان الذي خلقه الله جعل له إرادةً وقوةً وعقلا، ثم جعل الله هذا الإنسان مسئولاً عن اختياره، ولا شك أن هذا الاعتدال والتوازن في فهم القضاء والقدر سيجعل منه محفزاً؛ لأن يكون الإنسان على مستوى المسئولية في مواجهة الحياة والعمل، وحينما يعلم الإنسان أن الله تعالى أراد أن يجعل للإنسان إرادة، وأن من مشيئة الله أن يتيح فرصةً لمشيئة الإنسان؛ لينظر الله كيف يعملون: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين"، فهداه الله للنجدين: "إنا هدينه السبيلَ إما شاكراً وإما كفورا"، وتحدث الله عن مشيئة الإنسان أيضاً في أخطر قضية، فبين أن وظيفة المسلمين هي الدعوة والبيان، "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
إن الإيمان بالقضاء والقدر مفهوم إسلامي عظيم، يحمل مقاصد إيجابية واضحة، تجاه الحياة ومصاعبها ومتاعبها، وهو في طياته الحقيقية يمنع أي استغلال له أو تبرير لواقع سلبي سيء، ويعتبر الإسلام مثل هذا العمل التبريري مغالطةً مكشوفة، يقول الله جل جلاله: " سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم..".
د. سلمان بن فهد العودة
فعرفت أن ولدها كان يعزيها بعد وفاته، ويقول لها: إن هذه المصيبة التي نزلت بكِ ما من أحد إلا وقد مرت به أو أصيب بها يوماً من الأيام.
وهذه هي الحياة.. زاخرة بالمشكلات التي تقع في كل بيت وأسرة وشخص وحي، فيأتي المسلم بإيمانه بالقدر؛ ليتعامل بشجاعة وصبر وثبات، فهنا تدرك كيف أن ارتباط الإنسان بالله، وشعوره بأن الله تعالى هو الذي يدبر الكون من حوله يجعله يشعر بحميمية الحياة، وحينما يجد نفسه محروماً من متعها أو بعضها فذلك يعطيه دفعةً للعزيمة والإيمان والإيجابية في مواجهة الحياة.
ولو تخيلنا أن الإنسان الذي لا يؤمن بإله، ولا يرضى بقضاء وقدر وقد حلت به نفس المصائب فسوف يقتل نفسه حسرات؛ لأن فرصته الوحيدة للعيش هي هذه الحياة الدنيا التي يؤمن بها وحدها قد ضاعت بين أصابعه كما ينزلق الزئبق، وفي الجانب الآخر نرى صورة ً قد ابتلي بها بعض المسلمين حين يتخيل أنه مجبور مسلوب الإرادة، وأنه بين يدي الحياة والأقدار كالريشة في مهب الريح، فيتنكر للفطرة في داخله التي تؤمن بإرادة الإنسان واختياره.
أما إذا سلك سبيل القصد والوسطية فآمن بالله الذي له الخلق والأمر، وأن الكون يسير بإذنه وعلمه سبحانه، أعطاه ذلك إيماناً عميقاً وهدوءاً، وآمن بأن الإنسان الذي خلقه الله جعل له إرادةً وقوةً وعقلا، ثم جعل الله هذا الإنسان مسئولاً عن اختياره، ولا شك أن هذا الاعتدال والتوازن في فهم القضاء والقدر سيجعل منه محفزاً؛ لأن يكون الإنسان على مستوى المسئولية في مواجهة الحياة والعمل، وحينما يعلم الإنسان أن الله تعالى أراد أن يجعل للإنسان إرادة، وأن من مشيئة الله أن يتيح فرصةً لمشيئة الإنسان؛ لينظر الله كيف يعملون: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين"، فهداه الله للنجدين: "إنا هدينه السبيلَ إما شاكراً وإما كفورا"، وتحدث الله عن مشيئة الإنسان أيضاً في أخطر قضية، فبين أن وظيفة المسلمين هي الدعوة والبيان، "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
إن الإيمان بالقضاء والقدر مفهوم إسلامي عظيم، يحمل مقاصد إيجابية واضحة، تجاه الحياة ومصاعبها ومتاعبها، وهو في طياته الحقيقية يمنع أي استغلال له أو تبرير لواقع سلبي سيء، ويعتبر الإسلام مثل هذا العمل التبريري مغالطةً مكشوفة، يقول الله جل جلاله: " سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم..".
د. سلمان بن فهد العودة
R.F.Z- عضو مميز
- عدد الرسائل : 67
العمر : 38
تاريخ التسجيل : 15/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى