كائز وجود الأمة الإسلا

لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالي: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ
تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ
اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ
مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{103} آل عمران

تشتمل الآيات علي ركيزتين تقوم عليها الجماعة المسلمة :
الأولي
: الإيمان وتقوي الله حق تقاته إلي المقام الذي يستيقظ فيه القلب فلا ينام
"ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" أن يكون في كل لحظة مسلما وارتباط هذه
بالسابقة يعطي انفساحا في التقوي ومراقبة الله.

الركيزة
الثانية: ركيزة الأخوة الإسلامية المنبثقة من التقوي والإسلام أساسها
الاعتصام بحبل الله وعهده ونهجه ودينه "ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير
ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" والمقصود بالآية توزيع أدوار من
يقومون بالدعوة إلي الخير ومن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر الدعوة
إلي الخير وهو الوعظ والإرشاد وهم القائمون علي أمر الدعوة .

كائز وجود الأمة الإسلا 1209376147602014

والأمر الثاني في قبضة السلطة فلابد منها للأمر والنهي .
فلابد
من قيام سلطة مهمتها أيضا أن تتصور أنها أساسية صيانة تقاليد الجماعة
الخيرة من أن يعبث بها كل ذي هوي وكل ذي شهوة وكل ذي مصلحة وضمانة هذه
التقاليد الصالحة من أن يقول فيها كل امريء بتصوره ورأيه لإخماد الدعوة
إلي الخير وإشاعة الفساد فتكون السلطة حماية لدعوة الخير وانتشارها
وتعميمها والإقبال عليها ليسود الخير وينمو نموه الذاتي بلا عوائق ، وحين
توجد هذه العوائق تقابلها دعوة الخير وسلطة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر .
وحين توجد القوة الغاشمة نجد من يدفعها نحو منهج الله في الحياة هكذا أقامت الجماعة الأولي المسلمة في المدينة.

ثم
تعود الآيات مرة أخري مقررة كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وليس ذلك بتكرار فإن قوله تعالي كنتم خير
أمة أخرجت للناس -الآية- بيان لصفة هذه الأمة وفي قوله أخرجت للناس
بالبناء للمجهول وما يشهد لذلك فهذا اختيار الله سبحانه فمسئوليتها صيانة
الحياة من الشر والفساد وأن تكون لها القوة التي تمكنها من الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر .

ولهذا
ينبغي لمن اختارهم الله أن يكونوا في الطليعة دائما وفي مركز القيادة
ولهذا المركز تبعاته فهو لا يؤخذ ادعاء ولا يسلم مهابة إلا أن تكون أهلا
له وهي بتصورها الاعتقادي وبنظامها الاجتماعي أهل لها فيبقي عليها أن تكون
بتقدمها العلمي وبعمارتها للأرض قياما بحق الخلافة أهلا له كذلك من هنا
يتبين لنا أن المنهج الذي تقوم عليها هذه الآية يطالبها بالشيء الكثير
ويدفعها إلي السبق في كل مجال.

والآية
الأخيرة تبين أن هذه الأمة لا توجد وجودا حقيقيا إلا إذا توافرت فيها هذه
السمة كنتم خير أمة أخرجت للناس فإما أن تقوم بالدعوة إلي الخير والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإيمان بالله فهي موجودة ومسلم لها بذلك
وإما ألا تقوم بشيء من ذلك فهي غير موجودة ولا يتحقق فيها صفة الإسلام.