قيام الليل والتهجد
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قيام الليل والتهجد
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فقد قال تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [الإسراء:79]
وقال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة:16]
وقال عز وجل: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون}[الذاريات:17]
وعن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام" [السلسلة الصحيحة ح569]
وعن عائشة -رضي الله عنه- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له: لم تضع ذلك يا رسول الله وقد غَفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" [متفق عليه]
فهذه رسالة عن قيام الليل وفضائله ترغّب فيه وتحث عليه نسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماّ كثيراّ.
أخي الحبيب ... أختي المسلمة
في هذا الزمن الذي اقشعرت الأرض فيه، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، ذهبت البركات، وقلت الخيرات، وشكا الكرام الكاتبون إلى ربهم من كثرة الفواحش، قل الصالحون فلا تجدهم، وتكالب الأعداء على الموحدين.
أصبحت القلوب قاسية، والأعين جامدة، طال الأمد على الكثير حتى على الملتزمين فأصبحوا لا يجدوا للطاعة حلاوة، وأصبحت الحياة مليئة بالملل!!
وسط كل هذا ومع رغبة في العلاج، مع شوق للمغفرة، وطمع في الرحمة، ولهفة للجنة، وأمل في طرد الغفلة، وظمأ للنصر على الكفرة، أدلك إن شاء الله على باب الاستقامة بعد التوحيد .. إنه قيام الليل .. يحل لك كل هذا ولا تعجب.
فالزم ساقيك في الليل المحراب، فإنه للاستقامة باب!
قيام الليل شريعة ربانية، سنة نبوية، خصلة حميدة سلفية، مدرسة تربوية، دموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية، خلوة برب البرية، روضة ندية، سعادة روحية، قوة جسمانية، تعلق بالجنان العلية.
والله لا يعلم لذة قيام الليل ولا قدره إلا أهله ومساكين أهل العائلة الإعلامية هم في وادٍ وأهل الليل في وادٍ. ولسوف يعلمون من الفائز يوم التناد! وأين هي اللذة الحقيقية!!
فهيا يا أخي الحبيب نطوف معاً في هذه الروضة...
أولا:ً بعض ثمرات وفوائد وثواب قيام الليل:
1- قيام الليل والتسبيح فيه يورث العبد الرضا، قال تعالى{فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبّح وأطراف النهار لعلك ترضى}[طه:130]
2- قيام الليل سبب للفهم عن الله والتوفيق، قال تعالى {إن ناشئة الليل هي أشد وطئاّ وأقوم قيلاً}[المزمل:6] أي أن قيام الليل أبلغ في الحفظ وأثبت في الخير وعبادة الليل أشد نشاطاً وأتم إخلاصاً وأكثر بركة.
3- قيام الليل دأب الصالحين، ففي الحديث الصحيح: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم" فهي عبادة قديمة وظب عليها الكُمّل السابقون، واجتهدوا في إحراز فضائلها.
4- قيام الليل يطرد الغفلة، ففي الحديث الصحيح: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين -والقنطار ألف ومائتا أوقية- والأوقية خير مما بين السماء والأرض".
قال يحيى بن معاذ: "دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين".
5- قيام الليل صلة بالله وقربة، ففي الحديث الصحيح: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى". قال الحسن البصري: "ما أعلم شيئاً يتقرب به المتقربون إلى الله أفضل من قيام العبد في جوف الليل إلى الصلاة".
6، 7، 8- قيام الليل منهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد، ففي الحديث الصحيح: "عليكم بقيام الليل للفإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد".
قال ابن الحاج: "وفي القيام من الفوائد أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق الجاف من الشجرة، وينور القبر، ويحسّن الوجه، وينشّط البدن".
9- قيام الليل شرف المؤمن، ففي الحديث الحسن: "واعمل أن شرف المؤمن قيامه بالليل".
10- قيام الليل يجعل المتهجد طيب النفس، ففي الحديث الصحيح: "فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطاً طيب النفس".
11- المتهجدون خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره، قال تعالى: {وجوه يومئذ مسفرة. ضاحكة مستبشرة.} [عبس:38 - 39] قال ابن عباس -رضي الله عنه- "من قيام الليل".
وقيل للحسن البصري: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره". وقال سعيد بن المسيب -رحمه الله-: "إن ارجل ليُصلّي بالليل، فيجعل الله في وجهه نوراً يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط، فيقول: إني لأحب هذا الرجل.
12- قيام الليل سبب لإجابة الدعاء، ففي صحيح البخاري: "من تعار من الليل فقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) ثم قال: (اللهم اغفر لي) أو دعا استُجيب له".
13- قيام الليل من موجبات الرحمة، قال تعالى: [أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه]{الزمر:9}
وفي الحديث الصحيح: "رحم الله رجلاً قام من الليل وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلّى فإن أبى نضحت في وجهه الماء".
14- وفي الحديث الحسن: "الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور، وعليه عقد، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وضأ رجله انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله -عز وجل- للذين وراء الحجاب (انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ويسألني، ما سألني عبدي فهو له)".
15- ضحك الله إلى المتهجدين بالليل، ففي الحديث الحسن: "ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم، ويستبشر بهم ..... والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل فيقول (يذر شهوته ويذكرني!! ولو شاء لرقد!!).
وفي الحديث: "إذا ضحك الله من العبد فلا حساب عليه".
16- التهجد سبب لحسن الخاتمة، فانظر إلى المتهجدين كيف ماتوا؟ نعم، من صفّى صُفي له وإنما يكال للعبد كما كال، من نصب قدميه في محرابه باكياً متضرعاً في سواد الليل، كانت له الخاتمة الطيبة، فانظر إلى تهجد سالم مولى أبي حذيفة وثابت بن قيس، كيف اتشهدا؟ وعبد الله ذي البجادين المتهجد الأواه وحسن خاتمته، حتى قال ابن مسعود أمام قبره: "ياليتني كنت صاحب القبر".
17- قيام الليل يهون من طول القيام في عرصات القيامة، قال ابن عباس: "من أحب أن يهون الله عليه طول الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة".
18- قيام الليل ينجي من النيران، ففي حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه: "... فجعلت أقول: (أعوذ بالله من النار) قال: قال: فلقيهما ملك فقال لي: (لم تُرع)، فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال القرطبي: "حصل لعبد الله من ذلك تبيه على أن قيام الليل مما يُتقى به من النار والدنو منها فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك".
19- قيام الليل يورّث سكن الغرف في أعالي الجنان، قال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون.}[السجدة:16 - 17]
وفي الحديث الصحيح: "إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام".
20- قيام الليل مهر الحور الحسان، ما يكون جزاء من ترك دفء الفراش وقام من بين حبه وأهله إلا الفوز بالحور الحسان، أوما علمت أن المتهجد إذا قام إلى تهجده قالت الملائكة: "قد قام الخاطب إلى خطبته".
21- التهجد سبيل النصر على الأعداء، فالجهاد يُسقى بدمع التهجد، ولا ينتصر على العدو في ساحة القتال إلا من انتصر على نفسه وشيطانه في قيام الليل!
ولما هُزم الروم أمام المسلمين، قال هرقل لجنوده: "ما بالكم تنهزمون؟!" فقال شيخ من عظماء الروم: "من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار" وقال الأمراء الصليبيون: "إن القسيم بن القسيم -يعنون نور الدين زنكي- له مع الله سر فإنه لم يظفر ويُنصر علينا بكثرة جنده وجيشه، وإنما يظفر علينا ويُنصر بالدعاء وصلاة الليل، فإنه يُصلي بالليل ويرفع يده إلى الله ويدعو، فإنه يستجيب له ويعطيه سؤاله فيظفر علينا".
وأخيراً فثواب القيام لا تحيط به العقول وتقصر عنه العبارات ويكفيك الحديث الصحيح: "إذا استيقظ الرجل من الليل، وأيقظ أهله وصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".... فما حد كثيراً؟!
قال ابن مسعود -رضي الله عنه- :"من قال في قيام الليل (سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) كان له من الأجر كألف ألف حسنة.
ثانياً: ما يعين على التهجد وقيام الليل
(1) الأسباب الظاهرة:
1- قلة الطعام وعدم الإكثار منه، ففي الحديث الحسن: "... أقصر من جشائك ؛ فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً في الآخرة".
وقال وهب بن منبه: "ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوّام ، فمن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً يوم القيامة".
2- الاقتصاد في الكد نهاراً ، فلا يُتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح، وتضعف بها الأعصاب، فإن ذلك مجلبة للنوم، وعليه بالقصد في هذه الأعمال، وأن يتجنب فضول الكلام، وفضول المخالطة التي تشتت القلب.
3- الاستعانة بالقيلولة نهاراً ؛ فإنها سُنة ، ففي الحديث الحسن: "قيلوا ؛ فإن الشياطين لا تقيل"
ومر الحسن بقوم في السوق فرأى سخبهم ولغطهم فقال: "أما يقيل هؤلاء؟" قالوا: "لا" قال: "إني لأرى ليلهم ليل سوء".
4- ترك المعاصي، فقد قيدتنا خطايانا، قال رجل للحسن البصري: "يا أبا سعيد إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟" فقال: "ذنوبك قيدتك".
وقال الثوري: "حُرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته" قيل: "وما هو؟" قال: "رأيت رجلاً يبكي فقلت في نفسي (هذا مُراء)"
وقال الفضيل بن عياض: "إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مُكبّل، كبّلتك خطيأتك"
وقيل للحسن: "عجزنا عن قيام الليل" قال: "قيدتكم خطاياكم، إنما يؤهل الملوك للخلوة بهم من يصدق في ودادهم ومعاملتهم، فأما من كان من أهل مخالفتهم فلا يرضونه لذلك".
5- طيب المطعم وأكل الحلال والابتعاد عن الحرام، فكم من أكلة منعت قيام ليلة، وإن العبد ليأكل أكلة فيُحرم قيام سنة ؛ لأنه لم يتجنب أكل الشبهات ، وقال سهل بن عبد الله التُستري: "من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى"
وقال إبراهيم بن أدهم: "أطب مطعمك ولا عليك أن لا تقوم بالليل وتصوم النهار".
6- ترك السمر بعد العشاء والنوم مبكراً، ففي الحديث الصحيح: "لا سمر إلا لمُصلٍ أو مسافر" وكان عمر بن الخطاب ينش الناس بدرته بعد العتمة يقول: "قوموا لعل الله يرزقكم صلاة"، وكان يضرب الناس بالدرة بعد صلاة العشاء ويقول: "أسمر أول الليل ونوم آخره؟!"
وكان معاوية بن قرة يقول أن أباه كان يقول لبنيه إذا صلًى العشاء: "يا بني ناموا لعل الله يرزقكم من الليل خيراً" وعليه فالسُنة المؤكدة هي التبكير بالنوم بعد صلاة العشاء مباشرة ويُستثنى من ذلك الأحوال الآتية (الضيف - مذاكرة العلم - مداعبة الزوجة - مصالح الأمة) بشرط ألا يؤدي أي حال إلى إضاعة الصلاة.
7- عدم المبالغة في حشو الفراش؛ لأن ذلك يؤدي للاستغراق في النوم ويجلب الكسل والخمول، ولقد كان صوان بن سُليم ينام في الشتاء على السطح وفي الصيف في وسط البيت حتى لا يستغرق في النوم، وكان العُبّاد ينامون في الشتاء في ثوب واحد ليمنعهم البرد من النوم.
(2) الأسباب الباطنة المُيسِرة لقيام الليل
1- الإخلاص، فإذا قمت لله فلا يكن في قلبك إلا الله وعلى قدر نيتك تنال الرحمة من ربك.
2- يقينك أن الكبير المتعال هو الذي يدعوك للقيام.
3- علمك بأن إمام المتهجدين يدعوك ويحثك على القيام فقل له: "على العين والرأس".
4- معرفة مدى أُنس السلف وتلذذهم بالتهجد، قال أبو سليمان الداراني: "لأهل الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم"، وقال ثابت البُناني: "ما شئ أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل".
5- يقينك أنك بعين الله وأن الله يرى ويسمع صلاتك بالليل.
6- علمك بمدى حرص رسولك -صلى الله عليه وسلم- على القيام والاجتهاد فيه، فلقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر الله من ذنبه.
7- النوم على نية القيام للتهجد ليُكتب لك والنوم على طهارة على الجانب الأيمن والمواظبة على أذكار النوم.
8- سؤال المولى عز وجل ودعاؤه أن يمُن عليك بالقيام "اللهم اشفني باليسير من النوم وارزقني سهراً في طاعتك".
9- علمك بمدى اجتهاد الصحابة والسلف في قيام الليل.
10- علمك أن الشيطان يوسوس لك ويحاول منعك من القيام، فكيف تطيعه وهو عدوك وكيف تنام فيبول في أذنك؟!
11- محاسبة النفس وتوبيخها على قيام الليل إن فرطت فيه.
12- علمك ببكاء السلف وتحسرهم على فوات قيام الليل، قال أبو إسحاق السُبيعي: "ذهبت الصلاة مني وضعُفت ورق عظمي، وإني اليوم أقوم في الصلاة فما أقرأ إلا بالبقرة وآل عمران!!"
13- وضع الجنة والنار نصب عينيك.
14- اتهام النفس دائماً بالتقصير في القيام ومعاقبة النفس على ترك القيام، نام الصحابي تميم الداري ليلة فلم يقم للتهجد فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع.
15- معرفة وصايا السلف في الحث على القيام وقراءة تراجم المتهجدين والعيش معهم.
16- الزهد في الدنيا وكثرة ذكر الموت وقصر الأمل وهذا أسلوب نبوي في تربية الصحابة على قيام الليل، ففي الحديث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه".
وانظر إلى حفصة بنت سيرين وكيف أنها إذا قامت الليل لبست كفنها، ومعاذة العدوية تقول: "يا نفس هذه ليلتك التي فيها تموتين" فتحيي الليلة صافّـة قدمها!!
ثالثاً: آداب قيام الليل
1- الإخلاص وترك العجب، فقيام الليل عبادة عنوانها وتاجها الإخلاص، فعلى العبد أن يعلم عيوبه وآفاته وتقصيره ويعلم ما يستحقه الله -عز وجل- من العبودية وأنها أعجز ما يكون أن يوفّي حق الله، قال مطرف بن عبد الله: "لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً"
وقيل لمحمد بن واسع: "قد نشأ شباب يصومون النهار ويقومون الليل ويجاهدون في سبيل الله" قال: "بلى، ولكن أفسدهم العجب". فإياك والرياء والعجب وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "صلاة الرجل تطوعاً حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمساً وعشرين"
2- اتباعك لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في القيام بالآتي: الاغتسال والتطيب ولبس الثياب الحسنة - التسوك لقيام الليل - غسل اليد قبل غمسهما في إناء الوضوء والوضوء وضوءاً حسناً - الحرص على أذكار القيام والاستفتاح والتأسّي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كيفية صلاته (فينظر في السماء ويقرأ الآيات التي في آخر آل عمران كما في الصحيحين ويصلّي مثنى مثنى ويستفتح بركعتين خفيفتين ولا يزيد عن إحدى عشر ركعة) - ترديد الآية وتدبر ما فيها ويجوز أن يردد السورة ويتعوذ عند ذكر النار ويسأل الله الجنة عند ذكر آيات الجنة وهكذا - البكاء - النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام - إيقاظ الأهل والصبية ومن يليه لقيام الليل - الفصل بين صلاة الليل بالتسبيح بين كل ركعتين لتسكن الجوارح وتزول سآمة النفس للقيام، قال تعالى: {ومن الليل فسبحه وأدبار السجود}[ق:40] أي أعقاب الصلاة.
وأخيراً وفقني الله وإياك إلى قيام الليل والاحتهاد فيه، فلنبدأ من الآن والنهاية عند الممات ولنواظب عليه ولو بمائة آية في أول الأمر فخير الأعمال أدومها وإن قل، قال عتبة الغلام: "كابدت قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة" فيا نائماً عن قيام الليل في ثنايا السيل، ضج الليل من كثرة منامك اشتكى الفراش من كثرة رقادك، وتعجبت الحور من قسوة جفائك، وبكى الحفظة من فوات أرباحك، فأحب من يحبك، واشتغل بمن يشتاق إليك، وقف بين يدي مولاك، وتعرض لنفحة من نفحاته ولو للحظة عساك تفلح، ففي لحظة واحدة أفلح السحرة، وفقني الله وإياك لما يحب.
جمع وإعداد: أحمد بن فاروق محمد
أما بعد:
فقد قال تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [الإسراء:79]
وقال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة:16]
وقال عز وجل: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون}[الذاريات:17]
وعن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام" [السلسلة الصحيحة ح569]
وعن عائشة -رضي الله عنه- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له: لم تضع ذلك يا رسول الله وقد غَفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" [متفق عليه]
فهذه رسالة عن قيام الليل وفضائله ترغّب فيه وتحث عليه نسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماّ كثيراّ.
أخي الحبيب ... أختي المسلمة
في هذا الزمن الذي اقشعرت الأرض فيه، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، ذهبت البركات، وقلت الخيرات، وشكا الكرام الكاتبون إلى ربهم من كثرة الفواحش، قل الصالحون فلا تجدهم، وتكالب الأعداء على الموحدين.
أصبحت القلوب قاسية، والأعين جامدة، طال الأمد على الكثير حتى على الملتزمين فأصبحوا لا يجدوا للطاعة حلاوة، وأصبحت الحياة مليئة بالملل!!
وسط كل هذا ومع رغبة في العلاج، مع شوق للمغفرة، وطمع في الرحمة، ولهفة للجنة، وأمل في طرد الغفلة، وظمأ للنصر على الكفرة، أدلك إن شاء الله على باب الاستقامة بعد التوحيد .. إنه قيام الليل .. يحل لك كل هذا ولا تعجب.
فالزم ساقيك في الليل المحراب، فإنه للاستقامة باب!
قيام الليل شريعة ربانية، سنة نبوية، خصلة حميدة سلفية، مدرسة تربوية، دموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية، خلوة برب البرية، روضة ندية، سعادة روحية، قوة جسمانية، تعلق بالجنان العلية.
والله لا يعلم لذة قيام الليل ولا قدره إلا أهله ومساكين أهل العائلة الإعلامية هم في وادٍ وأهل الليل في وادٍ. ولسوف يعلمون من الفائز يوم التناد! وأين هي اللذة الحقيقية!!
فهيا يا أخي الحبيب نطوف معاً في هذه الروضة...
أولا:ً بعض ثمرات وفوائد وثواب قيام الليل:
1- قيام الليل والتسبيح فيه يورث العبد الرضا، قال تعالى{فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبّح وأطراف النهار لعلك ترضى}[طه:130]
2- قيام الليل سبب للفهم عن الله والتوفيق، قال تعالى {إن ناشئة الليل هي أشد وطئاّ وأقوم قيلاً}[المزمل:6] أي أن قيام الليل أبلغ في الحفظ وأثبت في الخير وعبادة الليل أشد نشاطاً وأتم إخلاصاً وأكثر بركة.
3- قيام الليل دأب الصالحين، ففي الحديث الصحيح: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم" فهي عبادة قديمة وظب عليها الكُمّل السابقون، واجتهدوا في إحراز فضائلها.
4- قيام الليل يطرد الغفلة، ففي الحديث الصحيح: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين -والقنطار ألف ومائتا أوقية- والأوقية خير مما بين السماء والأرض".
قال يحيى بن معاذ: "دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين".
5- قيام الليل صلة بالله وقربة، ففي الحديث الصحيح: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى". قال الحسن البصري: "ما أعلم شيئاً يتقرب به المتقربون إلى الله أفضل من قيام العبد في جوف الليل إلى الصلاة".
6، 7، 8- قيام الليل منهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد، ففي الحديث الصحيح: "عليكم بقيام الليل للفإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد".
قال ابن الحاج: "وفي القيام من الفوائد أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق الجاف من الشجرة، وينور القبر، ويحسّن الوجه، وينشّط البدن".
9- قيام الليل شرف المؤمن، ففي الحديث الحسن: "واعمل أن شرف المؤمن قيامه بالليل".
10- قيام الليل يجعل المتهجد طيب النفس، ففي الحديث الصحيح: "فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطاً طيب النفس".
11- المتهجدون خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره، قال تعالى: {وجوه يومئذ مسفرة. ضاحكة مستبشرة.} [عبس:38 - 39] قال ابن عباس -رضي الله عنه- "من قيام الليل".
وقيل للحسن البصري: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره". وقال سعيد بن المسيب -رحمه الله-: "إن ارجل ليُصلّي بالليل، فيجعل الله في وجهه نوراً يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط، فيقول: إني لأحب هذا الرجل.
12- قيام الليل سبب لإجابة الدعاء، ففي صحيح البخاري: "من تعار من الليل فقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) ثم قال: (اللهم اغفر لي) أو دعا استُجيب له".
13- قيام الليل من موجبات الرحمة، قال تعالى: [أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه]{الزمر:9}
وفي الحديث الصحيح: "رحم الله رجلاً قام من الليل وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلّى فإن أبى نضحت في وجهه الماء".
14- وفي الحديث الحسن: "الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور، وعليه عقد، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وضأ رجله انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله -عز وجل- للذين وراء الحجاب (انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ويسألني، ما سألني عبدي فهو له)".
15- ضحك الله إلى المتهجدين بالليل، ففي الحديث الحسن: "ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم، ويستبشر بهم ..... والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل فيقول (يذر شهوته ويذكرني!! ولو شاء لرقد!!).
وفي الحديث: "إذا ضحك الله من العبد فلا حساب عليه".
16- التهجد سبب لحسن الخاتمة، فانظر إلى المتهجدين كيف ماتوا؟ نعم، من صفّى صُفي له وإنما يكال للعبد كما كال، من نصب قدميه في محرابه باكياً متضرعاً في سواد الليل، كانت له الخاتمة الطيبة، فانظر إلى تهجد سالم مولى أبي حذيفة وثابت بن قيس، كيف اتشهدا؟ وعبد الله ذي البجادين المتهجد الأواه وحسن خاتمته، حتى قال ابن مسعود أمام قبره: "ياليتني كنت صاحب القبر".
17- قيام الليل يهون من طول القيام في عرصات القيامة، قال ابن عباس: "من أحب أن يهون الله عليه طول الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة".
18- قيام الليل ينجي من النيران، ففي حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه: "... فجعلت أقول: (أعوذ بالله من النار) قال: قال: فلقيهما ملك فقال لي: (لم تُرع)، فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال القرطبي: "حصل لعبد الله من ذلك تبيه على أن قيام الليل مما يُتقى به من النار والدنو منها فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك".
19- قيام الليل يورّث سكن الغرف في أعالي الجنان، قال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون.}[السجدة:16 - 17]
وفي الحديث الصحيح: "إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام".
20- قيام الليل مهر الحور الحسان، ما يكون جزاء من ترك دفء الفراش وقام من بين حبه وأهله إلا الفوز بالحور الحسان، أوما علمت أن المتهجد إذا قام إلى تهجده قالت الملائكة: "قد قام الخاطب إلى خطبته".
21- التهجد سبيل النصر على الأعداء، فالجهاد يُسقى بدمع التهجد، ولا ينتصر على العدو في ساحة القتال إلا من انتصر على نفسه وشيطانه في قيام الليل!
ولما هُزم الروم أمام المسلمين، قال هرقل لجنوده: "ما بالكم تنهزمون؟!" فقال شيخ من عظماء الروم: "من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار" وقال الأمراء الصليبيون: "إن القسيم بن القسيم -يعنون نور الدين زنكي- له مع الله سر فإنه لم يظفر ويُنصر علينا بكثرة جنده وجيشه، وإنما يظفر علينا ويُنصر بالدعاء وصلاة الليل، فإنه يُصلي بالليل ويرفع يده إلى الله ويدعو، فإنه يستجيب له ويعطيه سؤاله فيظفر علينا".
وأخيراً فثواب القيام لا تحيط به العقول وتقصر عنه العبارات ويكفيك الحديث الصحيح: "إذا استيقظ الرجل من الليل، وأيقظ أهله وصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".... فما حد كثيراً؟!
قال ابن مسعود -رضي الله عنه- :"من قال في قيام الليل (سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) كان له من الأجر كألف ألف حسنة.
ثانياً: ما يعين على التهجد وقيام الليل
(1) الأسباب الظاهرة:
1- قلة الطعام وعدم الإكثار منه، ففي الحديث الحسن: "... أقصر من جشائك ؛ فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً في الآخرة".
وقال وهب بن منبه: "ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوّام ، فمن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً يوم القيامة".
2- الاقتصاد في الكد نهاراً ، فلا يُتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح، وتضعف بها الأعصاب، فإن ذلك مجلبة للنوم، وعليه بالقصد في هذه الأعمال، وأن يتجنب فضول الكلام، وفضول المخالطة التي تشتت القلب.
3- الاستعانة بالقيلولة نهاراً ؛ فإنها سُنة ، ففي الحديث الحسن: "قيلوا ؛ فإن الشياطين لا تقيل"
ومر الحسن بقوم في السوق فرأى سخبهم ولغطهم فقال: "أما يقيل هؤلاء؟" قالوا: "لا" قال: "إني لأرى ليلهم ليل سوء".
4- ترك المعاصي، فقد قيدتنا خطايانا، قال رجل للحسن البصري: "يا أبا سعيد إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟" فقال: "ذنوبك قيدتك".
وقال الثوري: "حُرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته" قيل: "وما هو؟" قال: "رأيت رجلاً يبكي فقلت في نفسي (هذا مُراء)"
وقال الفضيل بن عياض: "إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مُكبّل، كبّلتك خطيأتك"
وقيل للحسن: "عجزنا عن قيام الليل" قال: "قيدتكم خطاياكم، إنما يؤهل الملوك للخلوة بهم من يصدق في ودادهم ومعاملتهم، فأما من كان من أهل مخالفتهم فلا يرضونه لذلك".
5- طيب المطعم وأكل الحلال والابتعاد عن الحرام، فكم من أكلة منعت قيام ليلة، وإن العبد ليأكل أكلة فيُحرم قيام سنة ؛ لأنه لم يتجنب أكل الشبهات ، وقال سهل بن عبد الله التُستري: "من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى"
وقال إبراهيم بن أدهم: "أطب مطعمك ولا عليك أن لا تقوم بالليل وتصوم النهار".
6- ترك السمر بعد العشاء والنوم مبكراً، ففي الحديث الصحيح: "لا سمر إلا لمُصلٍ أو مسافر" وكان عمر بن الخطاب ينش الناس بدرته بعد العتمة يقول: "قوموا لعل الله يرزقكم صلاة"، وكان يضرب الناس بالدرة بعد صلاة العشاء ويقول: "أسمر أول الليل ونوم آخره؟!"
وكان معاوية بن قرة يقول أن أباه كان يقول لبنيه إذا صلًى العشاء: "يا بني ناموا لعل الله يرزقكم من الليل خيراً" وعليه فالسُنة المؤكدة هي التبكير بالنوم بعد صلاة العشاء مباشرة ويُستثنى من ذلك الأحوال الآتية (الضيف - مذاكرة العلم - مداعبة الزوجة - مصالح الأمة) بشرط ألا يؤدي أي حال إلى إضاعة الصلاة.
7- عدم المبالغة في حشو الفراش؛ لأن ذلك يؤدي للاستغراق في النوم ويجلب الكسل والخمول، ولقد كان صوان بن سُليم ينام في الشتاء على السطح وفي الصيف في وسط البيت حتى لا يستغرق في النوم، وكان العُبّاد ينامون في الشتاء في ثوب واحد ليمنعهم البرد من النوم.
(2) الأسباب الباطنة المُيسِرة لقيام الليل
1- الإخلاص، فإذا قمت لله فلا يكن في قلبك إلا الله وعلى قدر نيتك تنال الرحمة من ربك.
2- يقينك أن الكبير المتعال هو الذي يدعوك للقيام.
3- علمك بأن إمام المتهجدين يدعوك ويحثك على القيام فقل له: "على العين والرأس".
4- معرفة مدى أُنس السلف وتلذذهم بالتهجد، قال أبو سليمان الداراني: "لأهل الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم"، وقال ثابت البُناني: "ما شئ أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل".
5- يقينك أنك بعين الله وأن الله يرى ويسمع صلاتك بالليل.
6- علمك بمدى حرص رسولك -صلى الله عليه وسلم- على القيام والاجتهاد فيه، فلقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر الله من ذنبه.
7- النوم على نية القيام للتهجد ليُكتب لك والنوم على طهارة على الجانب الأيمن والمواظبة على أذكار النوم.
8- سؤال المولى عز وجل ودعاؤه أن يمُن عليك بالقيام "اللهم اشفني باليسير من النوم وارزقني سهراً في طاعتك".
9- علمك بمدى اجتهاد الصحابة والسلف في قيام الليل.
10- علمك أن الشيطان يوسوس لك ويحاول منعك من القيام، فكيف تطيعه وهو عدوك وكيف تنام فيبول في أذنك؟!
11- محاسبة النفس وتوبيخها على قيام الليل إن فرطت فيه.
12- علمك ببكاء السلف وتحسرهم على فوات قيام الليل، قال أبو إسحاق السُبيعي: "ذهبت الصلاة مني وضعُفت ورق عظمي، وإني اليوم أقوم في الصلاة فما أقرأ إلا بالبقرة وآل عمران!!"
13- وضع الجنة والنار نصب عينيك.
14- اتهام النفس دائماً بالتقصير في القيام ومعاقبة النفس على ترك القيام، نام الصحابي تميم الداري ليلة فلم يقم للتهجد فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع.
15- معرفة وصايا السلف في الحث على القيام وقراءة تراجم المتهجدين والعيش معهم.
16- الزهد في الدنيا وكثرة ذكر الموت وقصر الأمل وهذا أسلوب نبوي في تربية الصحابة على قيام الليل، ففي الحديث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه".
وانظر إلى حفصة بنت سيرين وكيف أنها إذا قامت الليل لبست كفنها، ومعاذة العدوية تقول: "يا نفس هذه ليلتك التي فيها تموتين" فتحيي الليلة صافّـة قدمها!!
ثالثاً: آداب قيام الليل
1- الإخلاص وترك العجب، فقيام الليل عبادة عنوانها وتاجها الإخلاص، فعلى العبد أن يعلم عيوبه وآفاته وتقصيره ويعلم ما يستحقه الله -عز وجل- من العبودية وأنها أعجز ما يكون أن يوفّي حق الله، قال مطرف بن عبد الله: "لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً"
وقيل لمحمد بن واسع: "قد نشأ شباب يصومون النهار ويقومون الليل ويجاهدون في سبيل الله" قال: "بلى، ولكن أفسدهم العجب". فإياك والرياء والعجب وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "صلاة الرجل تطوعاً حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمساً وعشرين"
2- اتباعك لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في القيام بالآتي: الاغتسال والتطيب ولبس الثياب الحسنة - التسوك لقيام الليل - غسل اليد قبل غمسهما في إناء الوضوء والوضوء وضوءاً حسناً - الحرص على أذكار القيام والاستفتاح والتأسّي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كيفية صلاته (فينظر في السماء ويقرأ الآيات التي في آخر آل عمران كما في الصحيحين ويصلّي مثنى مثنى ويستفتح بركعتين خفيفتين ولا يزيد عن إحدى عشر ركعة) - ترديد الآية وتدبر ما فيها ويجوز أن يردد السورة ويتعوذ عند ذكر النار ويسأل الله الجنة عند ذكر آيات الجنة وهكذا - البكاء - النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام - إيقاظ الأهل والصبية ومن يليه لقيام الليل - الفصل بين صلاة الليل بالتسبيح بين كل ركعتين لتسكن الجوارح وتزول سآمة النفس للقيام، قال تعالى: {ومن الليل فسبحه وأدبار السجود}[ق:40] أي أعقاب الصلاة.
وأخيراً وفقني الله وإياك إلى قيام الليل والاحتهاد فيه، فلنبدأ من الآن والنهاية عند الممات ولنواظب عليه ولو بمائة آية في أول الأمر فخير الأعمال أدومها وإن قل، قال عتبة الغلام: "كابدت قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة" فيا نائماً عن قيام الليل في ثنايا السيل، ضج الليل من كثرة منامك اشتكى الفراش من كثرة رقادك، وتعجبت الحور من قسوة جفائك، وبكى الحفظة من فوات أرباحك، فأحب من يحبك، واشتغل بمن يشتاق إليك، وقف بين يدي مولاك، وتعرض لنفحة من نفحاته ولو للحظة عساك تفلح، ففي لحظة واحدة أفلح السحرة، وفقني الله وإياك لما يحب.
جمع وإعداد: أحمد بن فاروق محمد
fadl laylate 15 cha3ban
assalam alaykom
jazaka Allaho khayran
فضل ليلة النصف من شعبان
فرصة ينبغي اغتنامها بالدعاء والتضرع وغيره
* **
* عن عبد الله بن عمرو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "يَطَّلِعُ اللهُ عز وجل إلى خلقه ليلةَ النصف من شعبان، فيغفر لعباده، إلا لأثْنَيْن: مشاحنٌ، وقاتِلُ نفسٍ"مسند الإمام احمد تحقيق العلامة احمد شاكر قال إسناده صحيح 10/166/167 ...
* * *
* وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه" حسن رواه البيهقي في شعب الإيمان وحسنه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم 783 وانظر الأحاديث الصحيحة 1143 ورواه الطبراني وابن أبي عاصم ...
* * *
* وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" حسن رواه ابن ماجة برقم 1390 وللحديث شواهد يتقوى بها وهو بنفس اللفظ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ...والحديث حسنه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الكبير برقم 1815 وانظر المشكاة 1306 والأحاديث الصحيحة 1444 و 1651 وانظر تحفة الأحوذي 3/441 أ هـ ...
* * *
3wacher mobaraka wntoum inchae Allah bach katmnaw fdonia wfjannate Alfirdaws al'a3la
jazaka Allaho khayran
فضل ليلة النصف من شعبان
فرصة ينبغي اغتنامها بالدعاء والتضرع وغيره
* **
* عن عبد الله بن عمرو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "يَطَّلِعُ اللهُ عز وجل إلى خلقه ليلةَ النصف من شعبان، فيغفر لعباده، إلا لأثْنَيْن: مشاحنٌ، وقاتِلُ نفسٍ"مسند الإمام احمد تحقيق العلامة احمد شاكر قال إسناده صحيح 10/166/167 ...
* * *
* وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه" حسن رواه البيهقي في شعب الإيمان وحسنه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم 783 وانظر الأحاديث الصحيحة 1143 ورواه الطبراني وابن أبي عاصم ...
* * *
* وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" حسن رواه ابن ماجة برقم 1390 وللحديث شواهد يتقوى بها وهو بنفس اللفظ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ...والحديث حسنه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الكبير برقم 1815 وانظر المشكاة 1306 والأحاديث الصحيحة 1444 و 1651 وانظر تحفة الأحوذي 3/441 أ هـ ...
* * *
3wacher mobaraka wntoum inchae Allah bach katmnaw fdonia wfjannate Alfirdaws al'a3la
amatoArrahmane- عدد الرسائل : 12
تاريخ التسجيل : 19/08/2007
مواضيع مماثلة
» الاعجاز العلمي في قيام الليل
» كيفية حساب منتصف الليل والثلث الأخير من الليل
» ( سوق الليل ) البيت الذي ولد فيه حبيب الله محمد صلى الله عل
» كيفية حساب منتصف الليل والثلث الأخير من الليل
» ( سوق الليل ) البيت الذي ولد فيه حبيب الله محمد صلى الله عل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى